شواهين, خير سليمان
كتاب استراتيجيات التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة
دار المسيرة للنشر والتوزيعإن تقدم الأمم والشعوب يقاس بمقدار احترامها لمعوّقيها وتوفير كل الرعاية لهم، وإعطائهم الفرص لكي يظهروا إبداعاتهم، والقدرات التي منحها الله لهم، وعدم التعامل معهم بأسلوب الشفقة التي تحزن، بل تغيض كل من لديه مشكلة من هذا النوع . يعاني معظم المعوقين من مشاكل ومضايقات عديدة وخاصة في بلادنا، لأن كثير من الناس في شعوبنا لا يلتزمون بأخلاق الإسلام التي تحض على احترام هذه الفئة، وإعطائهم الفرص الكافية ومساواتهم بالآخرين، ولم يأخذوا بركب الحضارة الحديثة التي تحترم هذه الفئة أيضا، ولهذا يعاني هؤلاء المعوقين معاناة كبيرة، ربما أكبر بكثير من معاناتهم من إعاقتهم.وأنواع المضايقات والمشكلات التي يعاني منها المعوقين كثيرة منها:1. السخرية والاحتقار والغمز واللمز، وهذه المشكلة كبيرة تجرح شعور هؤلاء الناس علما أنهم من أرق الناس أفئدة، فمن يعاني من المرض والإعاقة يكون رقيق القلب مرهف الشعور،2. نظرة الشفقة الحقيقية أو المفتعلة، وهذه النظرة من أقصى ما يعاني المعوق، فهو راض بما قسم الله له وسعيد به، ولكن قد يأتيه شخص جاهل تافه يظهر الشفقة التي تكون في أكثر الأحيان مفتعلة فيغيض هذا المسكين، ولكن نقول له:اكظم غيظك وأعف عنه فهو جاهل لا يجب أن تضيع أقل وقت أو جهد من أجله، والله سيعوضك خيرا.3. بعض الإخوة في العائلة التي يكون فيها أخ معوق بدل أن يأخذوا بيده ويساعدوه يعملون على تهميشه وإشعاره أنه سفيه من أجل الاستحواذ على أمواله وخاصة التي يرثها عن والديه، ويزداد هذا الأمر صعوبة إن كان يتيما، وقد يحرمونه من التعليم والعمل والزواج والإنجاب من أجل دراهم معدودة، ولهؤلاء نقول اصبروا وسيعوضكم الله خيرا، وستكون عقوبتهم كبيرة.4. مشكلة أخرى يواجهها المعوق، وهي عدم إعطاءه فرصة لإظهار قدراته، سواء ضمن نطاق العائلة من أجل تهميشه حتى لا ينافسهم في بعض حطام الدنيا، أو في صعيد العمل، فقد يجد زملاء المعوق من بعض الموظفين الخبثاء طرقا لمنعه من مساواتهم أو التفوق عليهم، بل بعضهم يرفض أن يكون مديره معوق.5. بعض العائلات تنفق ببذخ على الأخ سليم الجسم لأنه أمل هذه الأسرة، بينما تقتّر على المعوق، سواء في الأكل أو اللباس أو الدراسة، لأن الإنفاق على المعوق وحسب رأيهم مال مهدور لن يعوض.6. يشاع لدى كثير من الناس أن المصاب بمرض ما أو إعاقة ما سيموت عن عمر 10 سنوات أو 15 سنة وهكذا، وإذا سمع هذا الطفل هذه الكلمات فإنها تحطم نفسيته وتحبطه، وهذا كلام فارغ وخاصة بعد تقدم الطب والأعمار بيد الله.7. كثير من العائلات لا تقبل أن تزوج شخصا ربما لديه كافة المؤهلات التي تقبلها أي فتاة ولكن يعاني من إعاقة بسيطة.كما أن عائلات لا تقبل أن تتزوج فتاة من عائلة أبوها أو أخوها معاق خوفا من وراثة هذه الإعاقة، ونجد هذا الأخ أو الأخت يحمّل أخيه المعوق مسؤولية هذا الأمر، علما أن كثيرا من الإعاقات ليست وراثية، ووراثة أي صفة يلزم وجودها لدى الزوج والزوجة وهذا يحدث في حالات نادرة، وللاطمئنان حول هذا الموضوع يمكنهم سؤال المختصين.8. من أقصى المعاملات السيئة التي يواجهها المعوقون عندما يقول أحدهم أن هذه الإعاقة هي عقوبة من الله وهذا كلام ليس صحيحا فلماذا يعاقب الله طفلا منذ ولادته ولم يرتكب إثما، بل ربما يكون الجسم السليم الجميل والأموال والأولاد هي استدراج من الله يؤدي إلى عقوبة شديدة في الدنيا والآخرة.والحمد لله الذي أعاننا على إكمال هذا الكتاب الذي نتمنى أن يكون لمسة حنان لإخواننا وأحبابنا ذوي الاحتياجات الخاصة، ونرجو أن يقرأه كل شخص منهم ليكون عونا له في مواجهة هؤلاء الرعاع، ويقرأه كل متكبر متغطرس لعله يخفف من تكبره حتى لا تصيبه عاقبة سوء عمله.